نص شهادة إبراهيم عيسى فى قضيه قتل متظاهرى يناير اليوم الاثنين 13/1/2014
استمعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى، بأكاديمية الشرطة فى القاهرة، اليوم الأحد، إلى أقوال الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة التحرير، فى قضية "محكمة القرن"، المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ونجلاه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العدلى، و6 من كبار مساعديه، فى قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى فى البلاد وإحداث فراغ أمنى فيها.
و فيما يلى نص شهادته أمام المحكمة
س: اذكر نبذة عن سيرتك الذاتية؟
خريج كلية الإعلام قسم صحافة عام 1987 عملت منذ الجامعة صحفيًا فى مجلة روز اليوسيف ثم أسست وترأست تحرير جريدة الدستور منذ عام 1995 حتى عام 1998 ثم أعيد تأسيسها عام 2005 ثم فصلت من رئاسة تحريرها عام 2010، ثم فى هذه الفترة عملت فى تقديم أكثر من برنامج تلفزيونى، ثم ترأست تحرير جريدة التحرير من يوليو 2011 حتى الآن.
س: ما أسباب اختيار يوم 25 للتظاهر من وجهة نظرك؟
كان دعوة من قبل عدد من الجمعيات والأحزاب السياسية للتظاهر فى ذلك اليوم، واختياره بالتحديد اعتراضًا واحتجاجًا على ممارسات جهاز الشرطة فى هذه الفترة.
س: ما هى الفئات المتظاهرة فى هذا اليوم؟
الدعوة ظهرت فى يناير 2009 وشهدت استجابة محدودة جدًا لها حيث تظاهر فى هذه الفترة بضعة عشرات، وفى 2011 ربما كان هذا الحجم من التأثير من جراء أحداث تونس، مما جعل العدد الذى استجاب للمظاهرات يومها أكبر مما كان يتوقعه أصحاب الدعوى، وكان يغلب على المتظاهرين يوم 25 يناير طابع الشباب والمنتمين للقوى السياسية.
ما هو تأثير ما تواتر عن توريث رئيس الجمهورية الحكم لنجله على تلك التظاهرات؟
كان عاملا أساسيًا للاحتجاج والمعارضة.
ما مدى تأثير ما دار بشأن تزوير انتخابات مجلس الشعب على تظاهرات يناير؟
كان دافعًا لعدد من النواب الذين فشلوا فى النجاح فى دوائرهم للتواجد فى هذه المظاهرات، وإن كانوا ليسوا أصحاب الدعوى لها، وكانت نتيجة الانتخابات من مبررات أو دوافع الدعوى للتظاهر، وذلك من خلال ما نشر عنها وقتها من المجموعات الداعية لهذا اليوم.
س: ما هى ظروف مشاركتك؟
كنت موجود فى ميدان التحرير من الساعة الثانية والنصف ظهرًا ودخلت إلى الميدان مع مظاهرة قادمة من كوبرى قصر النيل، وكان أول مسيرة تصل إلى ميدان التحرير.
س: أرجوا الشرح بالتفصيل؟
المظاهرة كانت قادمة من كوبرى قصر النيل وهى حصيلة تجمع عدة مسيرات انطلقت من أحياء بولاق وإمبابة مرورًا بالدقى شارع جامعة الدول العربية وصبت كلها ف تلك المسيرة التى عبرت من كوبرى قصر النيل إلى مدخل ميدان التحرير، وكانت تضم فى أغلبها عددًا من أعضاء القوى السياسية وشباب وتوجهنا إلى قلب ميدان التحرير، حيث لم تكن هناك شعارات موحدة ولا هدف واضح إلا التواجد فى الميدان إعلانا للاحتجاج والعارضة مع سياسات الحكم.
بعض الهتافات كانت تركز على تطهير الشرطة والأخر كان موجه ضد جهاز أمن الدولة وبعضها كان يهتف بسقوط التوريث ومطالبة الرئيس بالرحيل، لكن لم تكن هناك شعارات موحدة أو محددة وجلست حتى الثانية عشرة ليلا قبل الفض بدقائق.
س: هل حمل المتظاهرون أدوات أو أسلحة أو غير ذلك من أدوات العنف؟
لم يكن هناك مظهر إلا السلمية التامة ولم يكن بيد أحدهم طوال 12 ساعة تقريبًا بالميدان إلا لافتات مكتوبة وتجمعات تهتف وبعضها يجلس بحدائق الميدان وبعضها يخطب فى حلقات، ولم أر أو أشاهد إطلاقًا أى مظهر من مظاهر العنف أو حتى التلويح به.
س: فى المقابل ماذا كانت تحمل الشرطة فى ذلك اليوم من أسلحة؟
لم تكن هناك شرطة على الإطلاق فى ميدان التحرير 25 يناير اختفت الشرطة من الميدان، ربما كانت على بعد غير منظور أو مرئى، ومن ثم لم يكن هناك أحد متسلح أو غير متسلح.
س: ما المعلومات التى توافرت لك عن الفض فى صبيحة يوم 26 يناير؟
تلقيت مكالمات تليفونيه من زملاء كانوا لا يزالون بالميدان وقت انصرافى وأخبرونى أن الشرطة اقتحمت الميدان بعربات أطلقت قنابل الغاز وأنها نجحت فى فض الميدان، لكن المتظاهرين توجهوا إلى الشوارع الجانبية واستمروا فيها حسب ما وصلنى من زملاء كانوا متواجدين فى شوارع جانبية من الميدان حتى الصباح.
لم يصلنى عن إصابة أو مقتل أى من المتظاهرين اللهم إلا إحساس البعض بالاختناق نتيجة الغاز.
س: هل متذكر أى اسم من اتصلوا بك أو كنت متأكدا من تواجدهم بالميدان؟
لم أتذكر أى اسم لكثرة المكالمات، لكم تطابق الأخبار من عدة مكالمات أظهرت لى صحة الوقائع، فضلا عن تواتر الأخبار عن اقتحام الميدان حتى من الجهات الرسمية.
س: هل شاركت فى مظاهرات 26 و27؟
لم أشارك وكان هناك مظاهرات محدودة فى وسط البلد، فضلا عن مظاهرات السويس.
س: ما معلوماتك عن مظاهرات السويس؟
ما وصلنى عما جرى فى السويس كان من زملاء صحفيين يتابعون الحدث بتفاصيله فى ميادين المدينة، فضلا عن بعض أعضاء القوى السياسية من داخل المدينة، إضافة إلى الأخبار التى كانت تنشرها بعض وسائل الإعلام وقتها، وكان خبر سقوط قتلى بالسويس يفوق فى الأهمية التفاصيل التى لم تكن حاضره وواضحة تمامًا فى حينها، حيث البعد عن مكان الأحداث ونقل الأخبار والوقائع من شخصيات فى المدينة.
هل كان رئيس الجمهورية الأسبق يعلم بما يضيق به شعب مصر فى الجوانب السياسية والاجتماعية آنذاك؟
أعتقد أنه كان يعلم عبر مسئولى الدولة بما كان يجرى، ومسئولو الدولة هم قادة الدولة الأمنيون وجهاز المخابرات العامة والحزب الحاكم والحكومة ووزراؤها، كما يتابع أى رئيس دولة مسار الأحداث والوقائع فى بلده.
س: ما ظروف مشاركتك فى مظاهرات يوم 28 يناير؟
خرجت الدعوة إلى مظاهرات أطلق عليها يوم جمعة الغضب، وتم تحديد عدة أماكن فى القاهرة وغيرها للخروج منها فى مظاهرات وتركزت فى المساجد على أن تكون المظاهرات عقب الانتهاء من صلاة الجمعة والانطلاق إلى ميدان التحرير بالقاهرة أو الميادين الرئيسية فى المدن الأخرى، وقد ذهبت إلى صلاة الجمعة بمسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث كان هناك عدد من الشخصيات السياسية والعامة اختارت هذا المسجد للخروج للتظاهر منه، مثل الدكتور محمد البرادعى وأسامة الغزال حرب والدكتور عبد الجليل مصطفى وعدد آخر.
كان المكان مزدحمًا وبمجرد الانتهاء من الصلاة كانت قوات الأمن المحيطة بميدان الجيزة قد أحاطت بالتجمع الذى احتشد أمام المسجد ومنعته بأوامر شفوية من السير، لكننا صممنا على استكمال المظاهرة.
وبدأت قوات الأمن فى إطلاق المياه على المظاهرات لتفريقها، وذهب عدد من المتظاهرين إلى الشوارع الجانبية ثم عادوا إلى شارع الهرم، فيما لجأ البعض الآخر إلى المسجد نتيجة اندفاع القوات بالمياه وفض المظاهرة وبقيت داخل المسجد، وعند محاولتنا الخروج أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز على المتظاهرين، وعند محاولة الخروج من الشوارع المحيطة بدأت قوات الأمن إطلاق الغاز داخل المسجد نفسه، مما أضطر البعض إلى الصعود للدور العلوى للمسجد، واستمر المشهد على هذه التفاصيل حتى أذان العصر.
وعقب الصلاة كانت الأدخنة تملأ المسجد، فطلبت من أحد الضباط أن ألتقى فورًا بالمسئول عن الوضع الأمنى بالميدان فأخبرنى أنه اللواء أسامة المراسى، مدير أمن الجيزة وقتها، وقال إنه موجود فى ساحة معروفه بالميدان وهى موقف السيارات، فاتجهت إليه دون أن يمنعنى أحد وقمت بتعريف نفسى له وأخبرته أن الوضع داخل خارج المسجد فى منتهى الصعوبة، وأنا أخشى على حياة الدكتور البرادعى تحديدًا والسماح له الخروج من المسجد خشية تعرضه لوعكة صحية، وطلبت من التدخل فورًا حتى لا يتفاقم الوضع وينتهى إلى نتيجة مزعجه، ثم عدت إلى المسجد وأخبرت الدكتور البرادعى الذى بدت عليه حالة الإعياء هو وعدد من كبار السن.
ثم تركت المسجد وتوجهت إلى الميدان، حيث تواجدت أعداد غفيرة تحاول دخول الميدان وأنا أتابع قوات الأمن وهى تتصدى لها وتطلق قنابل الغاز نحوها، ثم بدأ بعض المتظاهرين فى إلقاء حجارة على قوات الأمن التى لم تكن فى محيط تتعرض فيه للإصابة بهذه الحجارة، ثم ذهبنا منطلقين مع بعض المتظاهرين، حيث تواجد تجمعات قادمة من شارع الهرم وطالبنا المتظاهرين التوقف عن إلقاء الحجارة، فاستجابوا "سلمية سلمية".
ثم عدنا إلى المسجد وكانت حوالى الساعة الرابعة عصرًا، ففوجئنا أن القوات تفتح صفوفها لخروج المتظاهرين إلى شارع مراد، ثم طلب منى عدد من المتظاهرين التوجه إلى المسجد، لأن عددًا من قوات الأمن قد سأل عنه فتوجهت إليهم فأخبرونى أننى يمكننى إخبار الدكتور البرادعى بالخروج فى أمان، وبالفعل خرج البرادعى، ثم استكملت أنا المسيرة مع المتظاهرين وكنت أنا الشخصية العامة الوحيدة الموجودة فى المظاهرة فسألنى المتظاهرون عن وجهتنا، فقلت لهم سنتوجه إلى ميدان التحرير.
بينما اختفت قوات الأمن ولم يعد هناك أى مظهر لوجودها بميدان الجيزة وفى بقية الشوارع المحيطة، فانطلقنا باتجاه ميدان التحرير، وكانت المرة الأولى التى يردد فيها المتظاهرون "الشعب يريد إسقاط النظام" ليصبح هو الهتاف الوحيد الذى نسمعه، ثم عبرنا إلى منطقة كوبرى الجامعة ثم إلى منطقة مديرية أمن الجيزة، حيث لم يكن هناك تواجد للشرطة أمام المديرية، ولاحظت سقوط لافتات كانت معلقة على مبنى الحزب الوطنى المواجه للمديرية، ولم أعلم من أسقطها، ولم أكتشف تضخم أعداد المظاهرة أو حجمها حتى قدرتها أنا وبعض المتظاهرين الذين لم أعرفهم بمئات الآلاف".
ثم توجهنا إلى كوبرى الجلاء حيث تقابلنا مع أعداد ضخمة أخرى وكانت حدود النظر تصل إلى حشد عند كوبرى قصر النيل، وكان الزحام وقتها رهيبًا والأعداد هائلة فى حوالى الساعة الخامسة، وبدأنا نرى مرة أخرى قتابل الغاز تلقيها قوات الشرطة من أعلى كوبرى قصر النيل، وفى هذه اللحظات كنت أرى متظاهرين يحملون على أكتفاهم شباب ينقلونهم خارج كوبرى الجلاء والطريق المؤدى إلى قصر النيل، ثم سمعنا عن إصابات وقتل، ولكننا لم نتأكد من حقيقة هذه الإصابات والقتل".
وقدم لى بعض الشباب فوارغ لطلقات الرصاص الخرطوش والرصاص الحى، بناء على ما قالوه لى، لكنى لم أكن متأكدًا من حقيقتها لعدم مشاهدتى لها من قبل، حتى علمنا أن قوات الأمن أخلت كوبرى قصر النيل فاستكملنا التوجه إلى الميدان حتى دخلنا إلى قلب الميدان، بعد غروب الشمس وقام عدد من المتظاهرين بأداء صلاة المغرب.
كان الجو مليئًا بالغاز وعلمنا بإطلاق رصاص من أعلى سطح الجامعة الأمريكية، فكان التواجد داخل الميدان يحوم بالخطر.
ثم علمنا باقتحام المتظاهرين لمبنى الحزب الوطنى على كورنيش النيل، فتوجهت إلى هناك ورأيت عدد من المتظاهرين يخرجون من المبنى بعضهم يحمل كراسى وآخرين يحملون على ما أظن تكييفات، ثم ظهرت النيران.
وفجأة ظهرت عربتان للأمن المركزى فاندفع إليهما المتظاهرون، ففرت إحداها والأخرى انحرفت حتى لحق المتظاهرون بها، ثم حاول بعضهم الاعتداء على سائقها، لكننا منعناهم من ذلك وأطلقنا سراح السائق بعد أن خلع ملابس الشرطة، وظللت فى الميدان حتى الثانية صباحًا حيث هدأت الأدخنة ولم يعد هناك تواجد للشرطة مطلقًا، وبدا أن المتظاهرين قد أحكموا السيطرة على الميدان.
س: حتى هذا التوقيت ألم تشاهد سيارات الجيش؟
أثناء ذلك شوهد عدد من مركبات الجيش على أطراف الميدان، ولم يكن هناك معلومة أكيدة عن نزول الجيش إلى الشارع، لكن تأكدت هذه المعلومة بعد أن تحركت من الميدان وشاهدت مدرعات الجيش فى عدد من شوارع القاهرة والجيزة، ثم ذهبت إلى البيت وعدت إلى الميدان فى الصباح، وكان هناك تساؤلات عديدة عن ماذا بعد، وبدأ تعبير الثورة يطلق على ما حدث، وبدأ غياب الشخصيات السياسية عن الميدان مقارنة بما ظهر فى يوم 25 يناير، ولم يعد أحد يستطيع أن يقول أن الوجوه السياسية والشخصيات العامة وأعضاء الأحزاب السياسية لهم حضور غالب أو نافذ فى الميدان، وبدأ الميدان يدير نفسه ثم بدأ يظهر فكرة الخيم التى يبيت فيها المعتصمون، وتكاثرت بقوة يوم 30 و31 يناير.
ولم يعد أحد يستطيع أن يقول إن الوجوه السياسية والشخصيات العامة وأعضاء الأحزاب السياسية لهم حضور غالب أو نافذ فى الميدان، وبدأ الميدان يدير نفسه ثم بدأ يظهر فكرة الخيم التى يبيت فيها المعتصمون وتكاثرت بقوة يوم 30 و31 يناير، ثم ظهرت حالة من الارتجالية، حيث لم يكن للثورة "أب" وكانت جموع المتظاهرين هى التى تطرح الحلول.
س: هل أبصرت فى يوم 28 إطلاق الشرطة للأعيرة النارية؟
على سبيل اليقين، لم أرَ فى ميدان الجيزة إلا إطلاق المياه والغاز، بينما سمعت من المتظاهرين حين أسأل عن هذه الأجساد المرفوعة على الأكتاف وكنت أرى بعضها بصدور قد تعرت وبها آثار احتراق، وكان يرد المتظاهرون الذين يحملون هذه الأجساد أن بعضهم مصابون وأن بعضهم مقتول برصاص حى، وكنت أصدق وقتها ما يقال على سبيل اليقين نظرًا للمواجه الأمنية التى رأيتها، لكنى لم أرَ بعينى إطلاق الشرطة للأعيرة النارية.
وأود أن أشير إلى ما ذكرته سابقا أنه ثناء حديثى مع اللواء سامة المراسى لم يتعرض لى أحد، واستجاب لمطلبى بخروج الدكتور البرادعى فى حراسة الشرطة.
س: ما تحليلك لظهور ظاهرة المولوتوف فى 28 يناير؟
أعتقد أنه نما إلى البعض أنه لابد من مواجهة العنف المحتمل، أو ربما أن هذه الجهات ذاتها التى أرادت أن تفكك الدولة رأت فى المولوتوف سبيل ذلك.
س: ذكر اللواء عمر سليمان إبان شهادة للمحكمة السابقة بأن بعض إصابات المتظاهرين لطلقات الخرطوش كان مرجعها إلى قوات أخرى غير قوات فض الشغب؟
يبقى لى التحليل الذى يتطابق مع شهادة اللواء عمر سليمان، ولكن كان عليه تقديم الدليل.
س: ما تقييمك لأحداث العنف التى وقعت خلال أحداث الثورة؟
خلال ثورة يناير هناك من أراد أن يفكك الدولة وليس فقط إسقاط النظام، وأعتقد أنه كانت هناك جهات ليس لها ولاء للوطن وولاؤها لدول أخرى كانت تريد زيادة الغليان فى البلاد، ليستمر الغضب، وأعتقد أن الاحتمال أن الجهات المعادية للبلاد هى التى رغبت فى سقوط الدولة وليس نظام مبارك، وذلك من خلال أعمال القتل، وقد أشار إلى ذلك عدد من رموز النظام السابق، لكنهم لم يكونوا متمتعين بالقدر الكافى للمصداقية التى لم تدفعنا إلى التسليم لما يقولون.
س: ما تعليقك لحالات الوفيات والإصابات التى حدثت؟
هى إما عنف أمنى من الشرطة، أو أن هناك جهات معنية أرادت تخريب البلاد، لكنى أعتقد يقينا الاتهام يتوجه ناحية الجهات المعادية التى اخترقت البلاد واخترقت حدودنا واقتحمت سجوننا، كان دليلا على أن إدارة شئون البلاد وقتها لم تحمِ حدود هذا الوطن.
س: ماذا كان الهدف من اقتحام السجون؟
هى تلك الجهات التى أرادت لمصر الفوضى وكان باب الفوضى هو إنهاء تواجد الشرطة فى الشارع المصرى وكسره، بحيث لا تعد قادرة على استعادة تماسك الشارع والحفاظ على الأمن، وقد بدا هذا واضحًا فى اقتحام السجون.
س: من هى الجهة التى وراء ذلك؟
حسب قراءتى واطلاعى للقضية التى كانت منظورة أمام محكمة مستأنف الإسماعيلية، فأنا من موقعى أشير بالاتهام إلى جماعة الإخوان وتلك التنظيمات التى استعانت بها لاختراق حدود مصر، وتنفيذ مخططها فى ضرب أمن البلاد، لإحكام السيطرة على مقاليد الحكم.
س: ما هى التنظيمات التى وقفت وراء الإخوان؟
وفقًا لاطلاعى على القضية التى أشارت لها، هما تنظيم حماس وحزب الله.
س: ما واقعتك عن دهس المتظاهرين وجنود من الأمن المركزى من سيارة تحمل أرقام دبلوماسية؟
ليس لدى معلومات سوى ما توارد فى الإعلام.
س: ما معلوماتك عن اقتحام السجون المصرية السبب والمسبب، وأمنحك شهادة للتاريخ فى الأسئلة القادمة؟
كان اقتحام أقسام الشرطة والسجون ومبانى المحاكم فى مصر فى مساء 28 يناير و29 يناير عملا خائنًا مجرمًا لا يمكن أن يرتكبه إلا من تخلى عن وطنيته وسلم نفسه وضميره ومصيره إلى الخيانة، وكان يسعى ذلك إلى تفكيك هذا الوطن وهدم الدولة وبث الذعر والرعب فى قلوب المصريين حتى يخلو له وجه مصر فيشوهه ويدنسه كيفما شاء، ولعل هذا الموقف ما كان أبدًا أن يسمح به مواطن شريف مصرى خالص كان معارضًا للنظام السابق أو مؤيدًا، ولم يكن الموقف المعارض دعوة للكراهية أو للغل أو العنف أو الإرهاب فلا يتسابق مواطن مع آخر ولا مع مسئول فى الحكم إلا صراع على خدمة الوطن، لكن سلاح المعارضة للتخريب فيخرج المعارض الشريف من دائرة المعارضة.
س: إلى من تشير؟
أشير إلى هذه الجماعة التى ظهرت أمام الجميع مخربة، فكلنا خرجنا لمعارضة النظام ولكننا لم نخرب.
س: ما تعليقك على حالات الإصابة والوفيات التى لحقت بعناصر من الشرطة والجيش إبان ثورة 25 يناير وكذلك مركبات هاتين المؤسستين؟
لا أعتقد أن أحدًا من هؤلاء المتظاهرين قد لجأوا إلى العنف والتخريب وأن تلك الأيدى الآثمة كانت مدفوعة من جهات تلك التى أشرت إليها بوضوح، أو مندفعة نتيجة درجة الاستثارة التى لجأت إليها هذه الجهات لجذب عناصر ليسوا من داخلها.
س: ما تعليقك على قطع الإنترنت والهواتف النقالة؟
أتصور أنه كان قرار فاشل بامتياز ولم يحقق غرض من اتخذ هذا القرار، لأن وجود الإنترنت كان سيشغل البعض بمتابعة الأخبار وليس النزول إلى الشارع.
س: بتحليك السياسى هل استبعدت مؤسسة الرئاسة كافة الحلول المقبلة على البلاد فى 2011 وجزم الأمر على المواجهة الأمنية؟
أعتقد أن الاعتماد على قوى الأمن كان هو الأساس والمركز فى المواقف السياسية، التى اتخذتها إدارة الحكم فى تلك الفترة.
س: هل تستطيع أن تقول إن رئيس الجمهورية الأسبق شارك بقرار أو توجيه بما نجم عنه تدخل الشرطة فى مواجهة التظاهرات؟
أظن أنه فعل، فقوات الأمن لم تتخذ موقفًا إلا بقرار من قيادتها العليا، وكن أقطع بأن كل ما طلبه هو مجرد مواجه أمنية وبالقطع لم يوجه مبارك جهاز الشرطة إلى قتل المتظاهرين، لأننى لم أتصور رئيس مصرى وطنى أن يفعل ذلك أبدًا.
س: هل يملك وزير الداخلية على وجه العموم التصدى للمتظاهرين بقرار منفرد؟
لا أظن ذلك.
س: هل تدخل مبارك لوقف نزيف الدماء وحل الأزمة؟
تدخل عندما أعلن تخليه عن الحكم، فلو أراد استمرار نزيف الدماء لاستمر فى موقعه.
س: ما تقييمك لقرار تخلى مبارك عن الحكم؟
كان قرار مبارك بالتخلى عن الحكم صائبًا وتاريخيًا ووطنيًا، لكنه عندما كلف المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد، فأعتقد أنه كان سببًا فيما وصلنا إليه.
وردًا على سؤال المحكمة عن معيار اختيار الشباب المصرى للمشاركة فى أعمال المجتمع المدنى، أكد عيسى، أن هنالك محاور خدمية ومجال التنوير وحماية حقوق الإنسان، وكل من يقدم على العمل بمنظمات حقوق الإنسان محب لوطنه باحث عن خدمته وسبيل لتحقيق طموحاته، ولم يجد دولة وأجهزة دولة تستوعب طموحه، وتؤهله وتستخدمه، ولا وجدت أحزاب سياسية حقيقية، يعمل من خلالها، ويظهر بدوره فيها.
وتابع: "فوجد فى مثل هذه المنظمات الموجودة فى مصر من قديم، مثل الجمعيات الخيرية ومنها جمعية الشبان المسلمين، حيث كانت تلك الجمعيات التى كانت ولا تزال تلعب دورًا مهمًا فى إنماء البلد، لكن عزوف رجال المال والأعمال وكذلك الدولة عن دعم الأنشطة التنويرية والحقوقية التى يرغب فيها ويعمل بها شبابنا دفعت هؤلاء إلى مصادر التمويل الأجنبى، التى كانت تجرى تحت عين أجهزة الدولة وبموافقة الوزارات المعنية ومنصوصًا عليها فى اتفاقيات المنح والمعونات، وهناك من منظمات المجتمع المدنى تلك وهى النسبة الأعظم والأعم من عملية لخدمة الوطن، وهناك من انحرف بهذا النشاط عن هدفه النبيل والمحتمل".ما له وما عليه للتاريخ والشعب.
و فيما يلى نص شهادته أمام المحكمة
س: اذكر نبذة عن سيرتك الذاتية؟
خريج كلية الإعلام قسم صحافة عام 1987 عملت منذ الجامعة صحفيًا فى مجلة روز اليوسيف ثم أسست وترأست تحرير جريدة الدستور منذ عام 1995 حتى عام 1998 ثم أعيد تأسيسها عام 2005 ثم فصلت من رئاسة تحريرها عام 2010، ثم فى هذه الفترة عملت فى تقديم أكثر من برنامج تلفزيونى، ثم ترأست تحرير جريدة التحرير من يوليو 2011 حتى الآن.
س: ما أسباب اختيار يوم 25 للتظاهر من وجهة نظرك؟
كان دعوة من قبل عدد من الجمعيات والأحزاب السياسية للتظاهر فى ذلك اليوم، واختياره بالتحديد اعتراضًا واحتجاجًا على ممارسات جهاز الشرطة فى هذه الفترة.
س: ما هى الفئات المتظاهرة فى هذا اليوم؟
الدعوة ظهرت فى يناير 2009 وشهدت استجابة محدودة جدًا لها حيث تظاهر فى هذه الفترة بضعة عشرات، وفى 2011 ربما كان هذا الحجم من التأثير من جراء أحداث تونس، مما جعل العدد الذى استجاب للمظاهرات يومها أكبر مما كان يتوقعه أصحاب الدعوى، وكان يغلب على المتظاهرين يوم 25 يناير طابع الشباب والمنتمين للقوى السياسية.
ما هو تأثير ما تواتر عن توريث رئيس الجمهورية الحكم لنجله على تلك التظاهرات؟
كان عاملا أساسيًا للاحتجاج والمعارضة.
ما مدى تأثير ما دار بشأن تزوير انتخابات مجلس الشعب على تظاهرات يناير؟
كان دافعًا لعدد من النواب الذين فشلوا فى النجاح فى دوائرهم للتواجد فى هذه المظاهرات، وإن كانوا ليسوا أصحاب الدعوى لها، وكانت نتيجة الانتخابات من مبررات أو دوافع الدعوى للتظاهر، وذلك من خلال ما نشر عنها وقتها من المجموعات الداعية لهذا اليوم.
س: ما هى ظروف مشاركتك؟
كنت موجود فى ميدان التحرير من الساعة الثانية والنصف ظهرًا ودخلت إلى الميدان مع مظاهرة قادمة من كوبرى قصر النيل، وكان أول مسيرة تصل إلى ميدان التحرير.
س: أرجوا الشرح بالتفصيل؟
المظاهرة كانت قادمة من كوبرى قصر النيل وهى حصيلة تجمع عدة مسيرات انطلقت من أحياء بولاق وإمبابة مرورًا بالدقى شارع جامعة الدول العربية وصبت كلها ف تلك المسيرة التى عبرت من كوبرى قصر النيل إلى مدخل ميدان التحرير، وكانت تضم فى أغلبها عددًا من أعضاء القوى السياسية وشباب وتوجهنا إلى قلب ميدان التحرير، حيث لم تكن هناك شعارات موحدة ولا هدف واضح إلا التواجد فى الميدان إعلانا للاحتجاج والعارضة مع سياسات الحكم.
بعض الهتافات كانت تركز على تطهير الشرطة والأخر كان موجه ضد جهاز أمن الدولة وبعضها كان يهتف بسقوط التوريث ومطالبة الرئيس بالرحيل، لكن لم تكن هناك شعارات موحدة أو محددة وجلست حتى الثانية عشرة ليلا قبل الفض بدقائق.
س: هل حمل المتظاهرون أدوات أو أسلحة أو غير ذلك من أدوات العنف؟
لم يكن هناك مظهر إلا السلمية التامة ولم يكن بيد أحدهم طوال 12 ساعة تقريبًا بالميدان إلا لافتات مكتوبة وتجمعات تهتف وبعضها يجلس بحدائق الميدان وبعضها يخطب فى حلقات، ولم أر أو أشاهد إطلاقًا أى مظهر من مظاهر العنف أو حتى التلويح به.
س: فى المقابل ماذا كانت تحمل الشرطة فى ذلك اليوم من أسلحة؟
لم تكن هناك شرطة على الإطلاق فى ميدان التحرير 25 يناير اختفت الشرطة من الميدان، ربما كانت على بعد غير منظور أو مرئى، ومن ثم لم يكن هناك أحد متسلح أو غير متسلح.
س: ما المعلومات التى توافرت لك عن الفض فى صبيحة يوم 26 يناير؟
تلقيت مكالمات تليفونيه من زملاء كانوا لا يزالون بالميدان وقت انصرافى وأخبرونى أن الشرطة اقتحمت الميدان بعربات أطلقت قنابل الغاز وأنها نجحت فى فض الميدان، لكن المتظاهرين توجهوا إلى الشوارع الجانبية واستمروا فيها حسب ما وصلنى من زملاء كانوا متواجدين فى شوارع جانبية من الميدان حتى الصباح.
لم يصلنى عن إصابة أو مقتل أى من المتظاهرين اللهم إلا إحساس البعض بالاختناق نتيجة الغاز.
س: هل متذكر أى اسم من اتصلوا بك أو كنت متأكدا من تواجدهم بالميدان؟
لم أتذكر أى اسم لكثرة المكالمات، لكم تطابق الأخبار من عدة مكالمات أظهرت لى صحة الوقائع، فضلا عن تواتر الأخبار عن اقتحام الميدان حتى من الجهات الرسمية.
س: هل شاركت فى مظاهرات 26 و27؟
لم أشارك وكان هناك مظاهرات محدودة فى وسط البلد، فضلا عن مظاهرات السويس.
س: ما معلوماتك عن مظاهرات السويس؟
ما وصلنى عما جرى فى السويس كان من زملاء صحفيين يتابعون الحدث بتفاصيله فى ميادين المدينة، فضلا عن بعض أعضاء القوى السياسية من داخل المدينة، إضافة إلى الأخبار التى كانت تنشرها بعض وسائل الإعلام وقتها، وكان خبر سقوط قتلى بالسويس يفوق فى الأهمية التفاصيل التى لم تكن حاضره وواضحة تمامًا فى حينها، حيث البعد عن مكان الأحداث ونقل الأخبار والوقائع من شخصيات فى المدينة.
هل كان رئيس الجمهورية الأسبق يعلم بما يضيق به شعب مصر فى الجوانب السياسية والاجتماعية آنذاك؟
أعتقد أنه كان يعلم عبر مسئولى الدولة بما كان يجرى، ومسئولو الدولة هم قادة الدولة الأمنيون وجهاز المخابرات العامة والحزب الحاكم والحكومة ووزراؤها، كما يتابع أى رئيس دولة مسار الأحداث والوقائع فى بلده.
س: ما ظروف مشاركتك فى مظاهرات يوم 28 يناير؟
خرجت الدعوة إلى مظاهرات أطلق عليها يوم جمعة الغضب، وتم تحديد عدة أماكن فى القاهرة وغيرها للخروج منها فى مظاهرات وتركزت فى المساجد على أن تكون المظاهرات عقب الانتهاء من صلاة الجمعة والانطلاق إلى ميدان التحرير بالقاهرة أو الميادين الرئيسية فى المدن الأخرى، وقد ذهبت إلى صلاة الجمعة بمسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث كان هناك عدد من الشخصيات السياسية والعامة اختارت هذا المسجد للخروج للتظاهر منه، مثل الدكتور محمد البرادعى وأسامة الغزال حرب والدكتور عبد الجليل مصطفى وعدد آخر.
كان المكان مزدحمًا وبمجرد الانتهاء من الصلاة كانت قوات الأمن المحيطة بميدان الجيزة قد أحاطت بالتجمع الذى احتشد أمام المسجد ومنعته بأوامر شفوية من السير، لكننا صممنا على استكمال المظاهرة.
وبدأت قوات الأمن فى إطلاق المياه على المظاهرات لتفريقها، وذهب عدد من المتظاهرين إلى الشوارع الجانبية ثم عادوا إلى شارع الهرم، فيما لجأ البعض الآخر إلى المسجد نتيجة اندفاع القوات بالمياه وفض المظاهرة وبقيت داخل المسجد، وعند محاولتنا الخروج أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز على المتظاهرين، وعند محاولة الخروج من الشوارع المحيطة بدأت قوات الأمن إطلاق الغاز داخل المسجد نفسه، مما أضطر البعض إلى الصعود للدور العلوى للمسجد، واستمر المشهد على هذه التفاصيل حتى أذان العصر.
وعقب الصلاة كانت الأدخنة تملأ المسجد، فطلبت من أحد الضباط أن ألتقى فورًا بالمسئول عن الوضع الأمنى بالميدان فأخبرنى أنه اللواء أسامة المراسى، مدير أمن الجيزة وقتها، وقال إنه موجود فى ساحة معروفه بالميدان وهى موقف السيارات، فاتجهت إليه دون أن يمنعنى أحد وقمت بتعريف نفسى له وأخبرته أن الوضع داخل خارج المسجد فى منتهى الصعوبة، وأنا أخشى على حياة الدكتور البرادعى تحديدًا والسماح له الخروج من المسجد خشية تعرضه لوعكة صحية، وطلبت من التدخل فورًا حتى لا يتفاقم الوضع وينتهى إلى نتيجة مزعجه، ثم عدت إلى المسجد وأخبرت الدكتور البرادعى الذى بدت عليه حالة الإعياء هو وعدد من كبار السن.
ثم تركت المسجد وتوجهت إلى الميدان، حيث تواجدت أعداد غفيرة تحاول دخول الميدان وأنا أتابع قوات الأمن وهى تتصدى لها وتطلق قنابل الغاز نحوها، ثم بدأ بعض المتظاهرين فى إلقاء حجارة على قوات الأمن التى لم تكن فى محيط تتعرض فيه للإصابة بهذه الحجارة، ثم ذهبنا منطلقين مع بعض المتظاهرين، حيث تواجد تجمعات قادمة من شارع الهرم وطالبنا المتظاهرين التوقف عن إلقاء الحجارة، فاستجابوا "سلمية سلمية".
ثم عدنا إلى المسجد وكانت حوالى الساعة الرابعة عصرًا، ففوجئنا أن القوات تفتح صفوفها لخروج المتظاهرين إلى شارع مراد، ثم طلب منى عدد من المتظاهرين التوجه إلى المسجد، لأن عددًا من قوات الأمن قد سأل عنه فتوجهت إليهم فأخبرونى أننى يمكننى إخبار الدكتور البرادعى بالخروج فى أمان، وبالفعل خرج البرادعى، ثم استكملت أنا المسيرة مع المتظاهرين وكنت أنا الشخصية العامة الوحيدة الموجودة فى المظاهرة فسألنى المتظاهرون عن وجهتنا، فقلت لهم سنتوجه إلى ميدان التحرير.
بينما اختفت قوات الأمن ولم يعد هناك أى مظهر لوجودها بميدان الجيزة وفى بقية الشوارع المحيطة، فانطلقنا باتجاه ميدان التحرير، وكانت المرة الأولى التى يردد فيها المتظاهرون "الشعب يريد إسقاط النظام" ليصبح هو الهتاف الوحيد الذى نسمعه، ثم عبرنا إلى منطقة كوبرى الجامعة ثم إلى منطقة مديرية أمن الجيزة، حيث لم يكن هناك تواجد للشرطة أمام المديرية، ولاحظت سقوط لافتات كانت معلقة على مبنى الحزب الوطنى المواجه للمديرية، ولم أعلم من أسقطها، ولم أكتشف تضخم أعداد المظاهرة أو حجمها حتى قدرتها أنا وبعض المتظاهرين الذين لم أعرفهم بمئات الآلاف".
ثم توجهنا إلى كوبرى الجلاء حيث تقابلنا مع أعداد ضخمة أخرى وكانت حدود النظر تصل إلى حشد عند كوبرى قصر النيل، وكان الزحام وقتها رهيبًا والأعداد هائلة فى حوالى الساعة الخامسة، وبدأنا نرى مرة أخرى قتابل الغاز تلقيها قوات الشرطة من أعلى كوبرى قصر النيل، وفى هذه اللحظات كنت أرى متظاهرين يحملون على أكتفاهم شباب ينقلونهم خارج كوبرى الجلاء والطريق المؤدى إلى قصر النيل، ثم سمعنا عن إصابات وقتل، ولكننا لم نتأكد من حقيقة هذه الإصابات والقتل".
وقدم لى بعض الشباب فوارغ لطلقات الرصاص الخرطوش والرصاص الحى، بناء على ما قالوه لى، لكنى لم أكن متأكدًا من حقيقتها لعدم مشاهدتى لها من قبل، حتى علمنا أن قوات الأمن أخلت كوبرى قصر النيل فاستكملنا التوجه إلى الميدان حتى دخلنا إلى قلب الميدان، بعد غروب الشمس وقام عدد من المتظاهرين بأداء صلاة المغرب.
كان الجو مليئًا بالغاز وعلمنا بإطلاق رصاص من أعلى سطح الجامعة الأمريكية، فكان التواجد داخل الميدان يحوم بالخطر.
ثم علمنا باقتحام المتظاهرين لمبنى الحزب الوطنى على كورنيش النيل، فتوجهت إلى هناك ورأيت عدد من المتظاهرين يخرجون من المبنى بعضهم يحمل كراسى وآخرين يحملون على ما أظن تكييفات، ثم ظهرت النيران.
وفجأة ظهرت عربتان للأمن المركزى فاندفع إليهما المتظاهرون، ففرت إحداها والأخرى انحرفت حتى لحق المتظاهرون بها، ثم حاول بعضهم الاعتداء على سائقها، لكننا منعناهم من ذلك وأطلقنا سراح السائق بعد أن خلع ملابس الشرطة، وظللت فى الميدان حتى الثانية صباحًا حيث هدأت الأدخنة ولم يعد هناك تواجد للشرطة مطلقًا، وبدا أن المتظاهرين قد أحكموا السيطرة على الميدان.
س: حتى هذا التوقيت ألم تشاهد سيارات الجيش؟
أثناء ذلك شوهد عدد من مركبات الجيش على أطراف الميدان، ولم يكن هناك معلومة أكيدة عن نزول الجيش إلى الشارع، لكن تأكدت هذه المعلومة بعد أن تحركت من الميدان وشاهدت مدرعات الجيش فى عدد من شوارع القاهرة والجيزة، ثم ذهبت إلى البيت وعدت إلى الميدان فى الصباح، وكان هناك تساؤلات عديدة عن ماذا بعد، وبدأ تعبير الثورة يطلق على ما حدث، وبدأ غياب الشخصيات السياسية عن الميدان مقارنة بما ظهر فى يوم 25 يناير، ولم يعد أحد يستطيع أن يقول أن الوجوه السياسية والشخصيات العامة وأعضاء الأحزاب السياسية لهم حضور غالب أو نافذ فى الميدان، وبدأ الميدان يدير نفسه ثم بدأ يظهر فكرة الخيم التى يبيت فيها المعتصمون، وتكاثرت بقوة يوم 30 و31 يناير.
ولم يعد أحد يستطيع أن يقول إن الوجوه السياسية والشخصيات العامة وأعضاء الأحزاب السياسية لهم حضور غالب أو نافذ فى الميدان، وبدأ الميدان يدير نفسه ثم بدأ يظهر فكرة الخيم التى يبيت فيها المعتصمون وتكاثرت بقوة يوم 30 و31 يناير، ثم ظهرت حالة من الارتجالية، حيث لم يكن للثورة "أب" وكانت جموع المتظاهرين هى التى تطرح الحلول.
س: هل أبصرت فى يوم 28 إطلاق الشرطة للأعيرة النارية؟
على سبيل اليقين، لم أرَ فى ميدان الجيزة إلا إطلاق المياه والغاز، بينما سمعت من المتظاهرين حين أسأل عن هذه الأجساد المرفوعة على الأكتاف وكنت أرى بعضها بصدور قد تعرت وبها آثار احتراق، وكان يرد المتظاهرون الذين يحملون هذه الأجساد أن بعضهم مصابون وأن بعضهم مقتول برصاص حى، وكنت أصدق وقتها ما يقال على سبيل اليقين نظرًا للمواجه الأمنية التى رأيتها، لكنى لم أرَ بعينى إطلاق الشرطة للأعيرة النارية.
وأود أن أشير إلى ما ذكرته سابقا أنه ثناء حديثى مع اللواء سامة المراسى لم يتعرض لى أحد، واستجاب لمطلبى بخروج الدكتور البرادعى فى حراسة الشرطة.
س: ما تحليلك لظهور ظاهرة المولوتوف فى 28 يناير؟
أعتقد أنه نما إلى البعض أنه لابد من مواجهة العنف المحتمل، أو ربما أن هذه الجهات ذاتها التى أرادت أن تفكك الدولة رأت فى المولوتوف سبيل ذلك.
س: ذكر اللواء عمر سليمان إبان شهادة للمحكمة السابقة بأن بعض إصابات المتظاهرين لطلقات الخرطوش كان مرجعها إلى قوات أخرى غير قوات فض الشغب؟
يبقى لى التحليل الذى يتطابق مع شهادة اللواء عمر سليمان، ولكن كان عليه تقديم الدليل.
س: ما تقييمك لأحداث العنف التى وقعت خلال أحداث الثورة؟
خلال ثورة يناير هناك من أراد أن يفكك الدولة وليس فقط إسقاط النظام، وأعتقد أنه كانت هناك جهات ليس لها ولاء للوطن وولاؤها لدول أخرى كانت تريد زيادة الغليان فى البلاد، ليستمر الغضب، وأعتقد أن الاحتمال أن الجهات المعادية للبلاد هى التى رغبت فى سقوط الدولة وليس نظام مبارك، وذلك من خلال أعمال القتل، وقد أشار إلى ذلك عدد من رموز النظام السابق، لكنهم لم يكونوا متمتعين بالقدر الكافى للمصداقية التى لم تدفعنا إلى التسليم لما يقولون.
س: ما تعليقك لحالات الوفيات والإصابات التى حدثت؟
هى إما عنف أمنى من الشرطة، أو أن هناك جهات معنية أرادت تخريب البلاد، لكنى أعتقد يقينا الاتهام يتوجه ناحية الجهات المعادية التى اخترقت البلاد واخترقت حدودنا واقتحمت سجوننا، كان دليلا على أن إدارة شئون البلاد وقتها لم تحمِ حدود هذا الوطن.
س: ماذا كان الهدف من اقتحام السجون؟
هى تلك الجهات التى أرادت لمصر الفوضى وكان باب الفوضى هو إنهاء تواجد الشرطة فى الشارع المصرى وكسره، بحيث لا تعد قادرة على استعادة تماسك الشارع والحفاظ على الأمن، وقد بدا هذا واضحًا فى اقتحام السجون.
س: من هى الجهة التى وراء ذلك؟
حسب قراءتى واطلاعى للقضية التى كانت منظورة أمام محكمة مستأنف الإسماعيلية، فأنا من موقعى أشير بالاتهام إلى جماعة الإخوان وتلك التنظيمات التى استعانت بها لاختراق حدود مصر، وتنفيذ مخططها فى ضرب أمن البلاد، لإحكام السيطرة على مقاليد الحكم.
س: ما هى التنظيمات التى وقفت وراء الإخوان؟
وفقًا لاطلاعى على القضية التى أشارت لها، هما تنظيم حماس وحزب الله.
س: ما واقعتك عن دهس المتظاهرين وجنود من الأمن المركزى من سيارة تحمل أرقام دبلوماسية؟
ليس لدى معلومات سوى ما توارد فى الإعلام.
س: ما معلوماتك عن اقتحام السجون المصرية السبب والمسبب، وأمنحك شهادة للتاريخ فى الأسئلة القادمة؟
كان اقتحام أقسام الشرطة والسجون ومبانى المحاكم فى مصر فى مساء 28 يناير و29 يناير عملا خائنًا مجرمًا لا يمكن أن يرتكبه إلا من تخلى عن وطنيته وسلم نفسه وضميره ومصيره إلى الخيانة، وكان يسعى ذلك إلى تفكيك هذا الوطن وهدم الدولة وبث الذعر والرعب فى قلوب المصريين حتى يخلو له وجه مصر فيشوهه ويدنسه كيفما شاء، ولعل هذا الموقف ما كان أبدًا أن يسمح به مواطن شريف مصرى خالص كان معارضًا للنظام السابق أو مؤيدًا، ولم يكن الموقف المعارض دعوة للكراهية أو للغل أو العنف أو الإرهاب فلا يتسابق مواطن مع آخر ولا مع مسئول فى الحكم إلا صراع على خدمة الوطن، لكن سلاح المعارضة للتخريب فيخرج المعارض الشريف من دائرة المعارضة.
س: إلى من تشير؟
أشير إلى هذه الجماعة التى ظهرت أمام الجميع مخربة، فكلنا خرجنا لمعارضة النظام ولكننا لم نخرب.
س: ما تعليقك على حالات الإصابة والوفيات التى لحقت بعناصر من الشرطة والجيش إبان ثورة 25 يناير وكذلك مركبات هاتين المؤسستين؟
لا أعتقد أن أحدًا من هؤلاء المتظاهرين قد لجأوا إلى العنف والتخريب وأن تلك الأيدى الآثمة كانت مدفوعة من جهات تلك التى أشرت إليها بوضوح، أو مندفعة نتيجة درجة الاستثارة التى لجأت إليها هذه الجهات لجذب عناصر ليسوا من داخلها.
س: ما تعليقك على قطع الإنترنت والهواتف النقالة؟
أتصور أنه كان قرار فاشل بامتياز ولم يحقق غرض من اتخذ هذا القرار، لأن وجود الإنترنت كان سيشغل البعض بمتابعة الأخبار وليس النزول إلى الشارع.
س: بتحليك السياسى هل استبعدت مؤسسة الرئاسة كافة الحلول المقبلة على البلاد فى 2011 وجزم الأمر على المواجهة الأمنية؟
أعتقد أن الاعتماد على قوى الأمن كان هو الأساس والمركز فى المواقف السياسية، التى اتخذتها إدارة الحكم فى تلك الفترة.
س: هل تستطيع أن تقول إن رئيس الجمهورية الأسبق شارك بقرار أو توجيه بما نجم عنه تدخل الشرطة فى مواجهة التظاهرات؟
أظن أنه فعل، فقوات الأمن لم تتخذ موقفًا إلا بقرار من قيادتها العليا، وكن أقطع بأن كل ما طلبه هو مجرد مواجه أمنية وبالقطع لم يوجه مبارك جهاز الشرطة إلى قتل المتظاهرين، لأننى لم أتصور رئيس مصرى وطنى أن يفعل ذلك أبدًا.
س: هل يملك وزير الداخلية على وجه العموم التصدى للمتظاهرين بقرار منفرد؟
لا أظن ذلك.
س: هل تدخل مبارك لوقف نزيف الدماء وحل الأزمة؟
تدخل عندما أعلن تخليه عن الحكم، فلو أراد استمرار نزيف الدماء لاستمر فى موقعه.
س: ما تقييمك لقرار تخلى مبارك عن الحكم؟
كان قرار مبارك بالتخلى عن الحكم صائبًا وتاريخيًا ووطنيًا، لكنه عندما كلف المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد، فأعتقد أنه كان سببًا فيما وصلنا إليه.
وردًا على سؤال المحكمة عن معيار اختيار الشباب المصرى للمشاركة فى أعمال المجتمع المدنى، أكد عيسى، أن هنالك محاور خدمية ومجال التنوير وحماية حقوق الإنسان، وكل من يقدم على العمل بمنظمات حقوق الإنسان محب لوطنه باحث عن خدمته وسبيل لتحقيق طموحاته، ولم يجد دولة وأجهزة دولة تستوعب طموحه، وتؤهله وتستخدمه، ولا وجدت أحزاب سياسية حقيقية، يعمل من خلالها، ويظهر بدوره فيها.
وتابع: "فوجد فى مثل هذه المنظمات الموجودة فى مصر من قديم، مثل الجمعيات الخيرية ومنها جمعية الشبان المسلمين، حيث كانت تلك الجمعيات التى كانت ولا تزال تلعب دورًا مهمًا فى إنماء البلد، لكن عزوف رجال المال والأعمال وكذلك الدولة عن دعم الأنشطة التنويرية والحقوقية التى يرغب فيها ويعمل بها شبابنا دفعت هؤلاء إلى مصادر التمويل الأجنبى، التى كانت تجرى تحت عين أجهزة الدولة وبموافقة الوزارات المعنية ومنصوصًا عليها فى اتفاقيات المنح والمعونات، وهناك من منظمات المجتمع المدنى تلك وهى النسبة الأعظم والأعم من عملية لخدمة الوطن، وهناك من انحرف بهذا النشاط عن هدفه النبيل والمحتمل".ما له وما عليه للتاريخ والشعب.
معلومات حول الموضوع
العنوان : نص شهادة إبراهيم عيسى فى قضيه قتل متظاهرى يناير اليوم الاثنين 13/1/2014الوصف : نص شهادة إبراهيم عيسى فى قضيه قتل متظاهرى يناير اليوم الاثنين 13/1/2014 استمعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة...
تقييم الموضوع : 4.5
الكاتب : غير معرف
0 التعليقات:
إرسال تعليق