خطبة الجمعة للقرضاوي تفضح المؤامرات القطرية ضد الإمارات
يبدو أن الخلاف الإماراتي ـ القطري وصل إلي ذروته بعد أناستدعت وزارة الخارجية الإماراتية أمس الأول السفير القطري, في خطوة غير مسبوقة في العلاقات الخليجية, وسلمته مذكرة احتجاج علي تطاول الشيخ يوسف القرضاوي علي دولة الإمارات من فوق منبر أحد مساجدها. فمن علي أحد منابر قطر وفي خطبة الجمعة الماضية التي بثتها قنوات قطر التليفزيونية والاذاعية, انتقد القرضاوي الذي ينظر اليه علي انه الزعيم الروحي لجماعة الاخوان المسلمين, ملاحقة السلطات الاماراتية لعناصر الجماعة ومحاكمتهم, زاعما ان الامارات تقف ضد كل حكم إسلامي.
في الواقع, تعتبر قضية القرضاوي هي القشة التي قسمت ظهر البعير في العلاقات القطرية الإماراتية بصفة خاصة والقطرية العربية بصفة عامة. فالحملة التي يقودها الشيخ ضد الامارات, وان كانت فردية, تحمل في طياتها خلافات عميقة بين دولتين كبيرتين داخل مجلس التعاون الخليجي الذياستنكر أمس بشدة الاتهامات التي وجهها القرضاوي إلي الامارات. من الواضح أن الخلافات بين قطر والامارات خرجت عن الحدود المقبولة بعد رفض دولة ذات سيادة( قطر) منع فرد علي أراضيها, استخدام منابرها ووسائل إعلامها المرئية والمكتوبة من التطاول علي جارتها الشقيقة( الامارات).فالسكوت علي تطاول القرضاوي علي الامارات يعتبر موافقة ضمنية من قطر علي إثارة التوتر علنا داخل البيت الخليجي الواحد.
في حقيقة الامر لا يجب اختزال القضية في شخص القرضاوي وحده. وهذا ليس دفاعا عن شخص أثار العديد من الفتن بين كثير من الدول العربية.فبالرغم من تبرأ وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية, منذ أيام, من تهجم القرضاوي علي الإمارات, وقال إن القرضاوي لا يمثل الا نفسه وأن العلاقات بين الامارات والدوحة وثيقة ولا تتأثر, الا أنهلا يخفيعلي أحد ان للإمارات وقطر رؤيتين سياسيتين مختلفتين لا يمكن تجاهلهما. وقد ظهر ذلك جليا بعد ثورات الربيع العربي عام.2011 إذ وقفت قطر مع فكرة التغيير وصعود الحركات الإسلامية في البلدان العربية وأخذت تدعم جماعة الاخوان المسلمين منذ اللحظة الأولي من قيام الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا. أما الامارات فقد كانت علي النقيض من ذلك تماما, فقد أتخذت موقفا مناهضا لجماعة الاخوان المسلمين في مصر, وفي داخل أراضيها واعتقلت عددا كبيرا منهم وتم إحالتهم للمحاكمات الي أن قضت المحكمة الاتحادية العليا بالامارات, الاسبوع الماضي, في قضية الخلية الإخوانية المصرية الإماراتية بالسجن لمدد تتراوح ما بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات علي30 متهما إخوانيا. وقد كان ذلك كله من شأنه أن يفجر أزمة حقيقية بين الدولتين.وزادت وتيرة الخلافات بين الدوحة وأبو ظبي بعد أن قادت الامارات ومعها السعودية وباقي دول الخليج حملة اعتقالات دورية طالت عناصر الجماعة معتبرين أن تيار الإخوان الذين اعتلوا السلطة في مصر وتونس والمغرب وليبيا, خطر مستطير علي أنظمة وأمن واستقرار دول المنطقة. مما دفع قطر في تعنتها وإصرارهاعلي التعامل المفتوح مع جماعة الاخوان المسلمين واحتضانها واستثمار نفوذها في عدد من الدول العربية. وقد فطنت العديد من الدول العربية بصفة عامة والإمارات بصفة خاصة لهذا التوجه السياسي. فاحتضان قطر لمؤتمرات ومنتديات الإخوان المسلمين واستقبالهم وامدادهم بمختلف أنواع الدعم الإعلامي والسياسي والمادي كان له أثر سلبي في العلاقات القطرية الإماراتية. وقدكشفت نتائج التحقيقات الإماراتية, حول دور تنظيم الإخوان علي أراضيها, عن وجود دور قطري, بالتنسيق مع قيادات جماعة الإخوان في مصر, في خطة حملت عنوان الإمارة2, تستهدف تغيير نظام الحكم.
وأكد المراقبون أنه بعد وصول الاخوان الي السلطة في مصر إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي زادت شراهة الدوحة في توجيه تنظيم الإخوان إلي الإمارات, في إطار خطة تستهدف السيطرة علي أهم الدول البترولية في المنطقة.
إن ما حدث من الشيخ القرضاوي تجاه الإمارات كان كبيراوخطيرا مما ادي الي توتر العلاقات بشكل واضح ودفع البعض إلي التساؤلما الذي تريده قطر من الإمارات؟ وما الذي تريده من مصر؟ ولمصلحة من تلعب قطر؟ وإلي متي ستظل الدوحة ساكنة أمام هذه التصرفات التي تحدث علي أراضيها؟
أسئلة عديدة تبحث عن إجابة شافية في وقت يمر فيه العالم بأزمات طاحنة كان من الأجدر أن تعيها الدوحة وتعلم ان العلاقات العميقة بين الدول الشقيقة التي بينها تاريخ طويل من المصالح والأخوة خاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي لا يجب التفريط فيها لحساب مصالح دول أخري تريد النيل من المنطقة.